فصل: فَرْعٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَحْصُورِ وَغَيْرِهِ) أَيْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فُقَرَاءُ الْحَرَمِ مَحْصُورِينَ فَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ أَوْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ فَيَكْتَفِي بِثَلَاثَةٍ كَمَا هُوَ قِيَاسُ الزَّكَاةِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحٍ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ.
(قَوْلُهُ: حُرْمَةُ الْمَحَلِّ) أَيْ فَاكْتَفَى بِثَلَاثَةٍ مُطْلَقًا (وَقَوْلُهُ: وَثَمَّ سَدُّ الْخَلَّةِ) أَيْ فَحَيْثُ أَمْكَنَ الِاسْتِيعَابُ بِأَنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ تَعَيَّنَ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: سَدُّ الْخَلَّةِ) بِالْفَتْحِ الْخَصْلَةُ وَهِيَ أَيْضًا الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ.
انْتَهَى مُخْتَارٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: تَقْدِيمُهَا) أَيْ النِّيَّةِ (عَلَيْهَا) أَيْ التَّفْرِقَةِ.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) إلَى الْمَتْنِ ذَكَرَهُ ع ش عَنْ الشَّارِحِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ الذَّبْحَ لَا تَجِبُ عِنْدَهُ) أَيْ وَتُجْزِئُ عِنْدَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَيُجْزِئُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(قَوْلُهُ: بِالْمَقْصُودِ) وَهُوَ التَّفْرِقَةُ (دُونَ وَسِيلَتِهِ) وَهِيَ الذَّبْحُ أَيْ، وَإِنْ أَجْزَأَ عِنْدَهَا كَمَا مَرَّ آنِفًا.
(وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) مِنْ الْحَرَمِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ فَزَعَمَ أَنَّ الْأَوْلَى جَعْلُهُ بِالْهَاءِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ (لِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ) عُمْرَةً مُنْفَرِدَةً عَنْ حَجٍّ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا (الْمَرْوَةُ وَ) لِذَبْحِ (الْحَاجِّ) إفْرَادًا أَوْ تَمَتُّعًا وَلَوْ عَنْ تَمَتُّعِهِ أَوْ قِرَانًا (مِنًى)؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَحَلُّلِهِمَا (وَكَذَا حُكْمُ مَا سَاقَا) أَيْ الْمُعْتَمِرُ وَالْحَاجُّ الْمَذْكُورَانِ (مِنْ هَدْيٍ) نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ (مَكَانًا) فِي الِاخْتِصَاصِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ فَأَفْضَلُ مَكَان لِذَبْحِ هَدْيٍ الْأَوَّلُ الْمَرْوَةُ وَالثَّانِي مِنًى لِلِاتِّبَاعِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فَزَعَمَ أَنَّ الْأَوْلَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ.
(قَوْلُهُ: فَزَعَمَ أَنَّ الْأَوْلَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَالْأَحْسَنُ فِي بُقَعِهِ ضَبْطُهَا بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ الْمُضَافِ لِضَمِيرِ الْحَرَمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: عُمْرَةٌ) إلَى قَوْلِهِ وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ.
(وَوَقْتُهُ) أَيْ ذَبْحِ هَذَا الْهَدْيِ بِقِسْمَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ فِي نَذْرِهِ وَقْتًا (وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا فَلَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَجَبَ ذَبْحُهُ قَضَاءً إنْ كَانَ وَاجِبًا وَوَجَبَ صَرْفُهُ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَإِلَّا فَلَا لِفَوَاتِهِ وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي اخْتِصَاصِ مَا سَاقَهُ الْمُعْتَمِرُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَحْرَمَ بِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَسَاقَ الْهَدْيَ إنَّمَا قَصَدَ ذَبْحَهُ عَقِبَ تَحَلُّلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتْرُكُهُ بِمَكَّةَ حَيًّا وَيَرْجِعُ لِلْمَدِينَةِ. اهـ.
وَفِيهِ مَا فِيهِ وَخَرَجَ بِسَاقَ مَا سَاقَهُ الْحَلَالُ فَلَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ كَهَدْيِ الْجُبْرَانِ كَمَا مَرَّ أَمَّا إذَا عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ غَيْرَ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ فَيَتَعَيَّنُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ فِي نَذْرِهِ وَقْتًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَبْحِهِ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ إذَا عَيَّنَهُ لَهُ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ يَوْمًا آخَرَ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ قُرْبَةٌ نَقْلِهِ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ، وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ تَعْيِينُ يَوْمٍ آخَرَ لِذَبْحِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ سَهُلَتْ مُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ الْآتِيَةِ لِجَوَازِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَيَّنَ وَقْتًا خُصُوصًا إنْ اكْتَفَى بِالتَّعْيِينِ بِالنِّيَّةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ شَرْحِ الرَّوْضِ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ فَيُخَالِفُ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فَيَتَعَيَّنُ.
(قَوْلُهُ: وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ نِزَاعِهِ بِأَنَّ قِصَّةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَاقِعَةُ حَالٍ فَعَلَيْهِ احْتَمَلَتْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَذَرَهُ وَعَيَّنَ وَقْتًا وَمَعَ تَعَيُّنِ الْوَقْتِ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِيمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا فِيهِ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ إشْكَالَ الْإِسْنَوِيِّ فِي غَايَةِ الْمَتَانَةِ وَالظُّهُورِ، وَالتَّخَلُّصَ مِنْهُ فِي غَايَةِ الْعُسْرِ.
(قَوْلُهُ: بِقِسْمَيْهِ) أَيْ النَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إنْ لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيْ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَإِنْ عَيَّنَ لِهَدْيِ التَّقَرُّبِ غَيْرَ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ إذْ لَيْسَ فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ قُرْبَةٌ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ. اهـ.
زَادَ النِّهَايَةُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ.
وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهَا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ فَيُخَالِفُ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فَيَتَعَيَّنُ. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ) إلَخْ أَيْ فَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ ذَبْحِهِ عَنْ أَيَّامِهَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ عُدِمَتْ الْفُقَرَاءُ فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْأَخْذِ لِكَثْرَةِ اللَّحْمِ ثُمَّ فَهَلْ يُعْذَرُ بِذَلِكَ فِي تَأْخِيرِهِ عَنْ أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ أَوْ يَجِبُ ذَبْحُهُ فِيهَا وَيَدَّخِرُهُ قَدِيدًا إلَى أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ؟.
فِيهِ نَظَرٌ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ وُجُوبَ الذَّبْحِ فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ ادِّخَارُهُ يُتْلِفُهُ فَهَلْ يَبِيعُهُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.
هَذَا وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِ ذَبْحِ الْهَدْيِ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ هَدْيًا أَوْ سَاقَ الْهَدْيَ إلَى مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وُجُوبُ تَأْخِيرِ ذَبْحِهِ إلَى وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ كَأَنْ سَاقَهُ فِي رَجَبٍ مَثَلًا وَهُوَ قَرِيبٌ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ م ر وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ مَا يَسُوقُهُ الْمُعْتَمِرُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَخْ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ التَّأْخِيرِ ع ش أَيْ فِي صُورَةِ سَوْقِ الْمُعْتَمِرِ هَدْيًا، وَأَمَّا سَوْقُ الْحَلَالِ الْهَدْيَ فَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُ بِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِزَمَنٍ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ تَطَوُّعًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ نِزَاعِهِ بِأَنَّ قِصَّةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ احْتَمَلَتْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَذَرَهُ وَعَيَّنَ وَقْتًا وَمَعَ تَعْيِينِ الْوَقْتِ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِيمَا سَيَأْتِي سم.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا فِيهِ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ إشْكَالَ الْإِسْنَوِيِّ فِي غَايَةِ الْمَتَانَةِ وَالظُّهُورِ، وَالتَّخَلُّصَ مِنْهُ فِي غَايَةِ الْعُسْرِ سم.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: فَرْعٌ) إلَى قَوْلِهِ وَمَرَّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ) تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْأَسْنَى خِلَافُهُ.

.فَرْعٌ:

يَتَأَكَّدُ عَلَى قَاصِدِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَنْ يَصْحَبَ مَعَهُ هَدْيًا وَهُوَ لِلْحَاجِّ آكَدُ وَمَرَّ أَنَّ هَذَا مَحْمَلُ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ أَكْمَلُ النُّسُكَيْنِ وَمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ تَقَرُّبًا أَفْضَلُ مِمَّنْ لَمْ يَسُقْهُ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَكْمَلُ النُّسُكَيْنِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: يَتَأَكَّدُ إلَخْ) وَلَا يَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ فَإِنْ كَانَ بُدْنًا سُنَّ إشْعَارُهَا فَيُجْرَحُ صَفْحَةَ سَنَامِهَا الْيُمْنَى أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْ مَحَلِّهِ فِي الْبَقَرِ فِيمَا يَظْهَرُ بِحَدِيدَةٍ، وَهِيَ مُسْتَقْبِلَةٌ الْقِبْلَةَ وَيُلَطِّخُهَا بِدَمِهَا عَلَامَةً عَلَى أَنَّهَا هَدْيٌ لِتُجْتَنَب، وَأَنْ يُقَلِّدَهَا نَعْلَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُمَا قِيمَةٌ لِيَتَصَدَّقَ بِهِمَا وَيُقَلِّدُ الْغَنَمَ عُرَى الْقِرَبِ وَلَا يُشْعِرُهَا لِضَعْفِهَا وَلَا يَلْزَمُ بِذَلِكَ ذَبْحُهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَيُسَنُّ إهْدَاءُ النَّعَمِ الْمُجْزِئَةِ أُضْحِيَّةً لِلْحَرَمِ وَلَوْ مِنْ مَكَّةَ وَالْأَفْضَلُ مِنْ مَحَلِّ خُرُوجِهِ وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ أَوْ التَّعَيُّنِ كَهَذَا هَدْيٌ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُشْعِرَ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ إلَخْ ثُمَّ يُجَلِّلُهَا لِيَتَصَدَّقَ بِالْجُلِّ وَلَوْ عَطِبَ الْهَدْيُ فِي الطَّرِيقِ أَيْ تَعَيَّبَ وَخَافَ تَلَفَهُ فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَعَلَ بِهِ مَا شَاءَ مِنْ أَكْلٍ وَبَيْعٍ وَغَيْرِهِمَا وَوَجَبَ ذَبْحُ الْوَاجِبِ الْمُعَيَّنِ ابْتِدَاءً بِالنَّذْرِ أَوْ بِالْجُعْلِ وَغَمَسَ مَا قَلَّدَهُ بِهِ فِي دَمِهِ وَضَرَبَ بِهَا سَنَامَهُ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ هَدْيٌ فَيُؤْكَلُ وَلَا يُبَاعُ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمَسَاكِينِ، وَلَا لَهُ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ قَافِلَتِهِ وَلَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ الْأَكْلُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ فَإِنْ بَلَغَهُ جَازَ لِلْفُقَرَاءِ لَا لَهُ وَجَازَ لَهُمْ بَعْدَ أَخْذِهِ نَقْلُهُ لِنَحْوِ الْبَيْعِ فَإِنْ تَرَكَهُ بِلَا ذَبْحٍ فَمَاتَ ضَمِنَهُ بِذَبْحِ مِثْلِهِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَيَعُودُ لِمِلْكِهِ بِالْعَطَبِ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَيَبْقَى الْأَصْلُ فِي ذِمَّتِهِ. اهـ.

.باب الْإِحْصَارِ:

وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا الْمَنْعُ عَنْ إتْمَامِ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ هُمَا فَلَوْ مُنِعَ مِنْ الرَّمْيِ أَوْ الْمَبِيتِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ بِالطَّوَافِ وَالْحَلْقِ وَيَقَعُ حَجُّهُ مُجْزِئًا عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيُجْبَرُ كُلٌّ مِنْ الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِدَمٍ، وَنِزَاعُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِيهِ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَبِيتَ يَسْقُطُ بِأَدْنَى عُذْرٍ يُرَدُّ بِأَنَّ الدَّمَ هُنَا وَقَعَ تَابِعًا وَمُشَابِهًا لِوُجُوبِهِ فِي أَصْلِ الْإِحْصَارِ فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى كَوْنِهِ تَرَكَ الْمَبِيتَ لِعُذْرٍ كَمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ فِي أَصْلِ دَمِ الْإِحْصَارِ فَإِنْ قُلْت مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ ثَمَّ الْخَوْفُ عَلَى الْمَالِ، وَالْإِحْصَارُ يَحْصُلُ بِالْمَنْعِ إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ، وَإِنْ قَلَّ فَمَا الْفَرْقُ؟.
قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ ذَاتَ الْمَبِيتِ ثَمَّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْمُخَوَّفُ مِنْهُ يَمْنَعُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ أَحْصَرَهُمْ عَنْ الْحَجِّ لَا غَيْرُ بِخِلَافِهِ هُنَا أَعْنِي فِي مَنْعِهِ مِنْ الْمَبِيتِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ مُتَعَرِّضٌ لِلْمَنْعِ مِنْهُ مَثَلًا إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تُوجَدُ فِيهِ الْمُشَابَهَةُ لِلْإِحْصَارِ دُونَ الْأَوَّلِ إذْ لَا تَعَرُّضَ مِنْ الْمُخَوَّفِ مِنْهُ لِمَنْعٍ مِنْ نَحْوِ الْمَبِيتِ أَصْلًا فَتَأَمَّلْهُ (وَالْفَوَاتِ) أَيْ لِلْحَجِّ إذْ الْعُمْرَةُ لَا تَفُوتُ إلَّا تَبَعًا لِحَجِّ الْقَارِنِ (مَنْ أُحْصِرَ) أَيْ مُنِعَ عَنْ الْمُضِيِّ فِي نُسُكِهِ دُونَ الرُّجُوعِ أَوْ مَعَهُ وَهُمْ فِرَقٌ مُخْتَلِفَةٌ أَوْ فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ كَافِرٌ وَمُسْلِمٌ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ قِتَالُهُ أَوْ بَذْلُ مَالٍ لَهُ وَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آخَرَ يُمْكِنُهُ سُلُوكُهُ (تَحَلَّلَ) جَوَازًا حَاجًّا كَانَ أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ قَارِنًا لِنُزُولِ قَوْله تَعَالَى: «حِينَ أُحْصِرُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهُمْ حُرُمٌ فَنَحَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَلَقَ، وَأَمَرَهُمْ بِذَلِكَ {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ}» أَيْ، وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ إذْ الْإِحْصَارُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوجِبُ هَدْيًا.
وَالْأَوْلَى لِلْمُعْتَمِرِ وَحَاجٍّ اتَّسَعَ زَمَنُ إحْرَامِهِ الصَّبْرُ إنْ رَجَا زَوَالَ الْإِحْصَارِ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ انْكِشَافُ الْعَدُوِّ، وَإِمْكَانُ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ فِي الْعُمْرَةِ امْتَنَعَ تَحَلُّلُهُ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ سُلُوكُ طَرِيقٍ آخَرَ وَلَوْ بَحْرًا غَلَبَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الِاسْتِطَاعَةِ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ سُلُوكُهُ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَوَاتَ وَيَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، وَأَمَّا إذَا خَشِيَ فَوَاتَ الْحَجِّ لَوْ صَبَرَ فَالْأَوْلَى التَّحَلُّلُ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي وَرْطَةِ لُزُومِ الْقَضَاءِ لَهُ وَاسْتِعْمَالُهُ أُحْصِرَ فِي مَنْعِ الْعَدِّ وَخِلَافُ الْأَشْهَرِ إذْ هُوَ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَحْوِ الْمَرَضِ وَحُصِرَ فِي الْعَدُوِّ كَذَا قِيلَ، وَرَدَ بِالْآيَةِ الْمُوَافَقَةِ لِمَا هُنَا فَالْأَشْهَرُ أَنَّ الْإِحْصَارَ الْمَنْعُ مِنْ الْمَقْصُودِ بِعَدُوٍّ أَوْ نَحْوِ مَرَضٍ وَالْحَصْرُ التَّضْيِيقُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْحَصْرَ عَنْ الْوُقُوفِ دُونَ الْبَيْتِ وَعَكْسَهُ لَكِنْ يَلْزَمُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ وَيَتَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَفِي الثَّانِي أَنْ يَقِفَ ثُمَّ يَتَحَلَّلُ أَيْ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ انْكِشَافُ الْعَدُوِّ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ فِي الْعُمْرَةِ وَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ وَفِي لُزُومِ دَمِ الْإِحْصَارِ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَاسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الْإِحْصَارِ عَنْ الطَّوَافِ أَنَّ مَنْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ قَبْلَ الطَّوَافِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ لِلطُّهْرِ أَنَّهَا تُسَافِرُ فَإِذَا وَصَلَتْ لِمَحَلٍّ يَتَعَذَّرُ وُصُولُهَا مِنْهُ لِمَكَّةَ لِعَدَمِ نَفَقَةٍ أَوْ نَحْوِ خَوْفٍ تَحَلَّلَتْ بِالنِّيَّةِ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ، وَأَيَّدَهُ بِقَوْلِ الْمَجْمُوعُ عَنْ كَثِيرِينَ مَنْ صُدَّ عَنْ طَرِيقٍ وَوَجَدَ طَرِيقًا أَطْوَلَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ نَفَقَةٌ تَكْفِيهِ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ وَسَبَقَهُ الْبَارِزِيُّ إلَى نَحْوِهِ كَمَا بَسَطْت ذَلِكَ فِي الْحَاشِيَةِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِي قَوْلِهِ لِعَدَمِ نَفَقَةٍ بِمَا يَأْتِي أَنَّ نَحْوَ نَفَادِ النَّفَقَةِ لَا يُجَوِّزُ التَّحَلُّلَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا يُؤَيِّدُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ مَحْصِرٌ؛ لِأَنَّهُ صُدَّ عَنْ طَرِيقِهِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْأُخْرَى فَجَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ لِبَقَاءِ إحْصَارِهِ فَتَأَمَّلْهُ.